السؤال : قال الله تعالى : { وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى النِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ }(1) فقد نفى الله أن يكون النبيّ يعلم الغيب ، فكذلك من هم أقلّ منه منزلة ، وهم الأئمّة فما هو ردّكم ؟
الجواب : إنّ عقيدتنا في علم المعصوم (عليه السلام) تتلخّص فيما يلي :
أ ـ علمهم (عليهم السلام) علم لدنّي ، أي أعطي من قبل الله تعالى كرامةً لهم .
ب ـ يعلمون الغيب بصراحة القرآن : { عَالِمُ الْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا إِلاَّ مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ ... } (2) .
ج ـ إنّ حدود علمهم (عليهم السلام) من جهة الكمّية والكيفية تتبع إرادة الله تعالى ، فلا يكون ذاتياً ولا أزلياً .
د ـ إنّهم (عليهم السلام) ليسوا مكلّفين بالعمل على طبق هذا العلم ، بل وليست وظيفتهم إظهاره في كافّة الموارد .
وعليه ، فكثيراً ما كانوا يتعاملون مع الواقع الموجود على ضوء العلوم العادّية والظاهرية بدلاً من علم الغيب ، لمصالح شتّى ذكرت في مظانّها .
وبناءً على ما ذكرنا ، فإنّ عدم العلم المذكور في الآية هو بالنظر إلى العلوم العادّية ، لا العلم اللدنّي المسمّى بعلم الغيب ، وهذا نتيجة الجمع بين الأدلّة في المقام .
ولتقريب المعنى نذكر مورداً آخر يدلّ بوضوح على الموضوع ، فمثلاً : يخاطب القرآن النبيّ (صلى الله عليه وآله) بالنسبة لبعض المنافقين ويقول : { وَلَوْ نَشَاء لأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُم بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ ... } (3) ، أي كان ممكناً أن يعرّف الله تعالى المنافقين بواسطة الوحي للنبي (صلى الله عليه وآله) ، على أنّه (صلى الله عليه وآله) كان بإمكانه أيضاً أن يتعرّف عليهم ـ المنافقين ـ من خلال العلم العادي .
فالنتيجة : إنّ إعطاء علم الغيب للمعصوم (عليه السلام) لا ينكر ، وهذا بمعنى قابليته (عليه السلام) لهذا المقام ، وأمّا تطبيقه لـه في الموارد المختلفة ، فذلك أمر آخر .
____________
1- التوبة : 101 .
2- الجنّ : 26 ـ 27 .
3- محمّد : 30 .
( سامي جحهف . اليمن . زيدي . 19 سنة . طالب ) لا يتنافى مع قولـه { لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ }
- الزيارات: 450